فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

{ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا}.
تقدم الكلام على مثل هذه الجملة، إلا أن هنا زيدت، أن بعد لما، وهو قياس مطرد.
وقال الزمخشري أن صلة أكدت وجود الفعلين مترتبا أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما، كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان، كأنه قيل: لما أحس بمجيئهم، فاجأت المساءة من غير وقت خيفة عليهم من قومه. انتهى.
وهذا الذي ذكره في الترتيب هو مذهب سيبويه، إذ مذهبه.
أن لما: حرف لا ظرف، خلافا للفارسي، وهذا مذكور في علم النحو.
وقرأ العربيان، ونافع، وحفص: {منجوك} مشددا؛ وباقي السبعة: مخففا، والكاف في مذهب سيبويه في موضع جر.
{وأهلك} منصوب على إضمار فعل، أي وننجي أهلك.
ومن راعى هذا الموضع، عطفه على موضع الكاف، والكاف على مذهب الأخفش وهشام في موضع نصب، وأهلك معطوف عليه، لأن هذه النون كالتنوين، وهما على مذهبهما يحذفان للطافة الضمير وشدة طلبه الاتصال بما قبله.
وقرأ الجمهور: سيء، بكسر السين؛ وضمها نافع وابن عامر والكسائي.
وقرأ عيسى، وطلحة: سوء، بضمها، وهي لغة بني هذيل.
وبني وبير يقولون في قيل وبيع ونحوهما: قول وبوع.
وقرىء: منزلون، مخففا ومشددا؛ وابن محيصن: رجزا، بضم الراء؛ وأبو حيوة والأعمش: بكسر سين يفسقون.
والظاهر أن الضمير في منها عائد على القرية، فقال ابن عباس: منازلهم الخربة.
وحكى أبو سليمان الدمشقي أن الآية في قريتهم، إلا أن أساسها أعلاها، وسقوفها أسفلها إلى الآن.
وقال الفراء: المعنى تركناها آية، يقول: إن في السماء لآية، يريد أنها آية.
انتهى، وهذا لا يتجه إلا على زيادة من في الواجب، نحو قوله:
أمهرت منها جبة وتيسا

يريد: أمهرتها؛ وكذلك: {ولقد تركناها آية} وقيل: الهاء في منها عائدة على الفعلة التي فعلت بهم، فقيل: الآية: الحجارة التي أدركتها أوائل هذه الأمة، قاله قتادة؛ وقيل: الماء الاسود على وجه الأرض، قاله مجاهد؛ وقيل: أنجز ما صنع بهم.
و{لقوم} متعلق بتركنا، أو بينة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلَما أَن جَاءتْ رسلنَا} المذكورينَ بعد مفارقتهم لإبراهيمَ عليه السلام {لوطا سىء بهمْ} اعتراه المساءة بسببهم مخافةَ أنْ يتعرض لهم قومه بسوءٍ. وكلمة أنْ صلة لتأكيد ما بين الفعلين من الاتصال {وَضَاقَ بهمْ ذَرْعا} أي ضاقَ بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم ضاقتْ يده وبإزائه رَحبَ ذَرْعه بكذا إذا كان مطبقا به قادرا عليه وذلك أن طويلَ الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع.
{وَقَالوا} ريثما شاهدوا فيه مخايلَ التضجر من جهتهم وعاينوا أنه قد عجزَ عن مدافعة قومه بعد اللتيا والتي حتى آلتْ به الحال إلى أنْ قالَ: {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} {لاَ تَخَفْ} أي من قومك علينا {وَلاَ تَحْزَنْ} أي على شيءٍ وقيل بإهلاكنا إياهم {إنا منَجوكَ وَأَهْلَكَ} مما يصيبهم من العذاب {إلا امرأتك كَانَتْ منَ الغابرين} وقرىء لننجينك ومنجوك من الإنجاء، وإيا ما كان فمحل الكاف الجر على المختار ونصب أهلكَ بإضمار فعلٍ أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل {إنا منزلونَ على أَهْل هذه القرية رجْزا منَ السماء} استئناف مسوق لبيان ما أشير إليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم. والرجز العذاب الذي يقلق المعذبَ أي يزعجه من قولهم ارتجزَ إذا ارتجسَ واضطربَ. وقرىء منزلون بالتشديد. {بمَا كَانوا يَفْسقونَ} بسبب فسقهم المستمر {وَلَقَد ترَكْنَا منْهَا} أي من القرية {آيَة بَينَة} هي قصتها العجيبة آثار ديارها الخربة وقيل: الحجارة المطمورة فإنها كانتْ باقية بعدها وقيل: الماء الأسود على وجه الأرض {لقَوْمٍ يَعْقلونَ} يستعملون عقولَهم في الاستبصار والاعتبار وهو متعلق إما بتركنَا أو ببينة. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَما أَن جَاءتْ رسلنَا} المذكورون بعد مفارقتهم إبراهيم عليه السلام {لوطا سىء بهمْ} أي اعتراه المساءة والغم بسبب الرسل مخافة أن يتعرض لهم قومه بسوء كما هو عادتهم مع الغرباء، وقد جاءوا إليه عليه السلام بصور حسنة إنسانية.
وقيل: ضمير {بهم} للقوم أي سيء بقومه لما علم من عظيم البلاء النازل بهم، وكذا ضمير {بهم} الآتي وليس بشيء، و{إن} مزيدة لتأكيد الكلام التي زيدت فيه فتؤكد الفعلين واتصالهما المستفاد من لما حتى كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان فكأنه قيل: لما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث.
{وَضَاقَ بهمْ ذَرْعا} أي وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم: ضاقت يده، ويقابله رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا له قادرا عليه، وذلك أن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع.
{وَقَالوا لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ} عطف على سيء، وجوز أن يكون عطفا على مقدر أي قالوا: إنا رسل ربك وقالوا الخ، وأيا ما كان فالقول كان بعد أن شاهدوا فيه مخايل التضجر من جهتهم وعاينوا أنه عليه السلام قد عجز عن مدافعة قومه حتى آلت به الحال إلى أن قال: {لَوْ أَن لى بكمْ قوة أَوْ اوى إلى ركْنٍ شَديدٍ} [هود: 80] والخوف للمتوقع والحزن للواقع في الأكثر، وعلهي فالمعنى لا تخف من تمكنهم منا ولا تحزن على قصدهم إيانا وعدم اكتراثهم بك، ونهيهم عن الخوف من التمكن إن كان قبل إعلامهم إياه أنهم رسل الله تعالى فظاهر، وإن كان بعد الإعلام فهو لتأنيسه وتأكيد ما أخبروه به.
وقال الطبرسي: المعنى لا تخف علينا وعليك وتحزن بما نفعله بقومك: {إنا منَجوكَ وَأَهْلَكَ} فلا يصيبكم ما يصيبهم من العذاب {إلا امرأتك} إنها {كَانَتْ} في علم الله تعالى: {منَ الغابرين} وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب {لَننَجيَنه} [العنكبوت: 32] بالتخفيف من الإنجاء، ووافقهم ابن كثير في الثاني.
وقرأ الجمهور بشد نون التوكيد، وفرقة بتخفيفها وأيا ما كان فمحل الكاف من منجوك الجر بالإضافة، ولذا حذفت النون عند سيبويه و{منْ أَهْلكَ} منصوب على إضمار فعل أي وننجي أهلك، وذهب الأخفش وهشام إلى أن الكاف في محل النصب وأهلك معطوف عليه وحذفت النون لشدة طلب الضمير الاتصال بما قبله للإضافة، قال بعض الأجلة: لا مانع من أن يكون لمثل هذا الكاف محلان الجر والنصب ويجوز العطف عليها بالاعتبارين.
وقرأ نافع وابن كثير والكسائي {سىء} باشمام السين الضم، وقرأ عيسى وطلحة {سوء} بضمها وهي لغة بني هذيل وبني دبير يقولون في نحو قيل وبيع قول وبوع وعليه قوله:
حوكت على نولين إذ تحاك ** تحتبط الشوك ولا تشاك

{إنا منزلونَ على أَهْل هذه القرية رجْزا منَ السماء} استئناف مسوق لبيان ما أشير إليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم، والرجز العذاب الذي يقلق المعذب أي يزعجه من قولهم: ارتجز إذا ارتجس واضطرب وقرأ ابن عامر {منزلونَ} بالتشديد.
وابن محيصن {رجْزا} بضم الراء {بمَا يَفْسقونَ} أي بسبب فسقهم المعهود المستمر، وقرأ أبو حيوة.
والأعمش بكسر السين.
{وَلَقَد ترَكْنَا منْهَا} أي من القرية على ما عليه الأكثر {ءايَة بَينَة} قال ابن عباس: هي آثار ديارها الخربة، وقال مجاهد: هي الماء الأسود على وجه الأرض، وقال قتادة: هي الحجارة التي أمطرت عليهم وقد أدركتها أوائل هذه الأمة، وقال أبو سليمان الدمشقي: هي أن أساسها أعلاها وسقوفها أسفلها إلى الآن؛ وأنكر ذوو الأبصار ذلك، وقال الفراء: المعنى تركناها آية كما يقال: إن في السماء آية ويراد أنها آية.
وتعقبه أبو حيان بأنه لا يتجه إلا على زيادة {منْ} في الواجب نحو قوله:
أمهرت منها جبة وتيسا

يريد أمهرتها.
وقال بعضهم: إن ذلك نظير قولك: رأيت منه أسدا، وقيل: الآية حكايتها العجيبة الشائعة، وقيل: ضمير {منْهَا} للفعلة التي فعلت بهم والآية الحجارة أو الماء الأسود والظاهر ما عليه الأكثر.
ولا يخفى معنى {منْ} على هذه الأقوال {لقَوْمٍ يَعْقلونَ} أي يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار، فالفعل منزل منزلة اللازم و{لقَوْمٍ} متعلق بتركنا أو ببينة، واستظهر الثاني هذا، وفي الآيات من الدلالة على ذم اللواطة وقبحها ما لا يخفى، فهي كبيرة بالاجماع، ونصوا على أنها أشد حرمة من الزنا وفي شرح المشارق للأكمل أنها محرمة عقلا وشرعا وطبعا، وعدم وجوب الحد فيها عند الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لعم الدليل عنده على ذلك لا لخفتها، وقال بعض العلماء: إن عدم وجوب الحد للتغليظ لأن الحد مطهر، وفي جواز وقوعها في الجنة خلاف، ففي الفتح قيل: إن كانت حرمتها عقلا وسمعا لا تكون في الجنة وإن كانت سمعا فقط جاز أن تكون فيها، والصحيح أنها لا تكون لأن الله تعالى استبعدها واستقبحها فقال سبحانه: {إنكمْ لَتَأْتونَ الفاحشة مَا سَبَقَكمْ بهَا منْ أَحَدٍ منَ العالمين} [العنكبوت: 28] وسماها خبيثة فقال عز وجل: {كَانَت تعْمَل الخبائث} [الأنبياء: 74] والجنة منزهة عنها.
وتعقب هذا الحموي بأنه لا يلزم من كون الشيء خبيثا في الدنيا أن لا يكون له وجود في الجنة ألا ترى أن الخمر أم الخبائث في الدنيا ولها وجود في الجنة، وفيه بحث، لأن حبث الخمر في الدنيا لإزالتها العقل الذي هو عقال عن كل قبيح وهذا الوصف لا يبقى لها في الجنة ولا كذلك اللواطة.
وفي الفتوحات المكية في صفة أهل الجنة أنهم لا أدبار لهم لأن الدبر إنما خلق في الدنيا لخروج الغائط وليست الجنة محلا للقاذورات، وعليه فعدم وجودها في اجلنة ظاهر، ولا أظن ذا غيرة صادقة تسمح نفسه أن يلاط به في الجنة سرا أو علنا، وجواز وقوعها فيها قد ينجر إلى أن تسمح نفسه بذلك أو يجبر عليه وذلك إذا اشتهى أحد أن يلوط به إذ لابد من حصول ما يشتهيه، وهذا وإن لم يكن قطعيا في عدم وقوع اللواطة مطلقا في اجلنة إلى أنه يقوي القول بعدم الوقوع فتأمل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَما أَنْ جَاءَتْ رسلنَا لوطا سيءَ بهمْ}.
قد أشعر قوله: {إنا مهلكوا أهل هذه القرية} [العنكبوت: 31] أن الملائكة يحلون بالقرية واقتضى ذلك أن يخبروا لوطا بحلولهم بالقرية، وأنهم مرسلون من عند الله استجابة لطلب لوط النصر على قومه، فكان هذا المجيء مقدرا حصوله، فمن ثم جعل شرطا لحرف {لما} كما تقدم آنفا في قوله: {ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} [العنكبوت: 31].
و{أن} حرف مزيد للتوكيد وأكثر ما يزاد بعد {لما} وهو يفيد تحقيق الربط بين مضمون الجملتين اللتين بعد {لما} فهي هنا لتحقيق الربط بين مجيء الرسل ومساءة لوط بهم.
ومعنى تحقيقه هنا سرعة الاقتران والتوقيت بين الشرط والجزاء تنبيها على أن الإساءة عقبت مجيئهم وفاجأته من غير ريث، وذلك لما يعلم من عادة معاملة قومه مع الوافدين على قريتهم فلم يكون لوط عالما بأنهم ملائكة لأنهم جاءوا في صورة رجال فأريد هنا التنبيه على أن ما حدث به من المساءة وضيق الذرع كان قبل أن يعلم بأنهم ملائكة جاءوا لإهلاك أهل القرية وقبل أن يقولوا {لا تخف ولا تحزن}.
ولم تقع {أن} المؤكدة في آية سورة هود لأن في تلك السورة تفصيلا لسبب إساءته وضيق ذرعه فكان ذلك مغنيا عن التنبيه عليه في هذه الآية فكان التأكيد هنا ضربا من الإطناب.
وقد تقدم تفصيل ذلك في سورة هود وتفسيرها هناك.
وبناء فعل {سيء} للمجهول لأن المقصود حصول المفعول دون فاعله.
وعطف عليه جملة {وقالوا لا تخف} لأنها من جملة ما وقع عقب مجيء الرسل لوطا.
وقد طويت جمل دل عليها قوله: {إنا منَجوك وأهلك} وهي الجمل التي ذكرت معانيها في قوله: {وجاءه قومه يهرعون إليه} إلى قوله: {قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يَصلوا إليك} في سورة [هود: 78-81].
وقدموا تأمينه قبل إعلامه بأنهم منزلون العذاب على أهل القرية تعجيلا بتطمينه.
وعطف {ولا تحزن} على {لا تخف} جمع بين تأمينه من ضر العذاب وبين إعلامه بأن الذين سيهلكون ليسوا أهلا لأن يحزن عليهم، ومن أولئك امرأته لأنه لا يحزن على من ليس بمؤمن به.
وجملة {إنا منجوك} تعليل للنهي عن الأمرين.
واستثناء امرأته من عموم أهله استثناء من التعليل لا من النهي، ففي ذلك معذرة له بما عسى أن يحصل له من الحزن على هلاك امرأته مع أنه كان يحسبها مخلصة له، وقد بينا وجه ذلك في تفسير سورة هود.
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي {منْجوك} بسكون النون.
وقرأ الباقون بفتح النون وتشديد الجيم.
{إنا منْزلونَ عَلَى أَهْل هَذه الْقَرْيَة رجْزا منَ السمَاء بمَا كَانوا يَفْسقونَ (34)}.
جملة مستأنفة وقعت بيانا لما في جملة {لا تخَفْ ولا تحزن} [العنكبوت: 33] من الإيذان بأن ثمة حادثا يخاف منه ويحزن له.
والرجز: العذاب المؤلم.
ومعنى كونه من السماء أنه أنزل عليهم من الأفق وقد مضى بيانه في سورة هود.
{وَلَقَدْ تَرَكْنَا منْهَا آيَة بَينَة لقَوْمٍ يَعْقلونَ (35)}.
عطف على جملة {ولوطا إذ قال لقومه} [العنكبوت: 28] الخ عطف آية على آية لأن قصة لوط آية بما تضمنته من الخبر، وآثار قرية قومه آية أخرى بما يمكن مشاهدته لأهل البصر.
ويجوز أن تكون جملة معترضة في آخر القصة.
وعلى كلا الوجهين فهو من كلام الله.
ونون المتكلم المعظم ضمير الجلالة وليست ضمير الملائكة.
والآية: العلامة الدالة على أمر.
ومفعول {تركنا} يجوز أن يكون {آية} فيجعل {من} حرف جر وهو مجرور وصفا ل {آية} قدم على موصوفه للاهتمام فيجعل حالا من {آية}.
ويجوز أن تكون {من} للابتداء، أي تركنا آية صادرة من آثارها ومعرفة خبرها، وهي آية واضحة دائمة على طول الزمان إلى الآن ولذلك وصفت ب {بينة} ولم توصف آية السفينة ب {بينة} في قوله: {وجعلناها ءاية للعالمين} [العنكبوت: 15] ، لأن السفينة قد بليت ألواحها وحديدها أو بقي منها ما لا يظهر إلا بعد تفتيش إن كان.
ويجوز جعل {من} اسما بمعنى بعض على رأي من رأى ذلك من المحققين، فتكون {من} مفعولا مضافا إلى ضمير {قرية}.
وتقدم بيان ذلك عند قوله تعالى: {ومن الناس من يقول ءامنا بالله} الآية في سورة البقرة (8).
والمعنى: ولقد تركنا من القرية آثارا دالة لقوم يستعملون عقولهم في الاستدلال بالآثار على أحوال أهلها.
وهذه العلامة هي بقايا قريتهم مغمورة بماء بحيرة لوط تلوح من تحت المياه شواهد القرية، وبقايا لون الكبريت والمعادن التي رجمت بها قريتهم وفي ذلك عدة أدلة باختلاف مدارك المستدلين.
ويتعلق قوله: {لقوم يعقلون} بقوله: {تركنا} أو يجعل ظرفا مستقرا صفة ل {آية}. اهـ.